رسالة للأشقاء في المملكة المغربية
بقلم فضيـــــــــل بومــالـه
- سيأتي اليوم الذي سيلتقي فيه عقلاء بلدينا ووطنيونا المخلصون والعارفون بمصالحنا المشتركة وبمستقبل فضاءنا المغاربي الكبير. سيأتي ذلك اليوم لا محالة وإلا ستكون حركاتنا الوطنية الشريفة قد زالت نهائيا من ذاكرتنا الجمعية وستكون مقاوماتنا وثوراتنا التحررية قد انتكست وتدنست دماء شهداءنا و خابت آمال شعوبنا جيلا بعد جيل .كما ستفقد استقلالاتنا الوطنية معانيها وأهدافها وتموت فينا طموحاتنا القطرية و الوحدوية الأفليمية والفارية والدولية. كنا جميعا مغاربيين ونحن نرزح تحت الاستعمار الفرنسي حماية أو استيطانا لكن سرعان ما تبخرت روحنا المغاربية وعدنا إلى عصبياتنا القاتلة سنوات قليلة بعد تحررنا واستقلالنا.ما أتسعنا من أمة لم تستقل إلا لتتنازع فذهبت ريحها خدمة لمستعمر الأمس و مستغل اليوم.
أشقائي في المملكة المغربية،
إنني بقدر ما أحبكم و أرى فيكم إخوانا وأهلا لي كما بني وطني من الجزائريين بقدر ما أمقت وأعارض ما حييت أنظمة الحكم الجاثمة على بلدينا وشعبينا منذ عقود طويلة.أنظمة طاغية فاسدة مفسدة فشلت داخليا وزرعت الحقد والفرقة بيننا في وقت تخدم فيه مصالح أجنبية على حسابنا و حساب أجيال بأكملها من أبنائنا مقابل حمايتها وشرعنتها.
يمكننا أن نختلف وأن نتنافس من أجل التكامل والبناء وليس من أجل الفرقة و الفتنة والصدام. فما يجمعنا أكثر مما يفرقنا وما يربطنا أكبر بكثير من أنظمة الحكم ومغامرات الحكام.
إخوتي في المملكة المغربية،
عناصر القوة ومقدرات المغرب والجزائر أهم من زوايا ضعفهما غير أن سياسات المكيدة و البناء على الرمل والولاء لأعداء تكتلنا نخرت قوانا وعطلت إراداتنا الفاعلة عن رفع تحديات الاقتصاد والتنمية المستدامة و الثورة العلمية ودولة القانون والديمقراطية الفعلية والريادة بين الأمم.
أنظمة الحكم المستبدة والمسلطة على رقابنا تفتعل يوميا مبررات للعداء بيننا مسخرة لذلك زبانيتها في أوساط السياسة والمال والأعلام للتلاعب بعقول وعواطف شعبينا المقهورين وتلهيهما عما هو جوهري داخليا وخارجيا. إنهما يتشابهان و يتضامنان عند الضرورة بل ويتواطئان ضد مصلحة شعبينا ومستقبلهما. فكلاهما يجد مصلحته في الانسداد واستمرار الوضع على ما هو عليه بل ويستثمر في استراتيجيات تفشل كل البدائل الوطنية والمغاربية مما جعل تكلفة هذه الأنظمة ترتفع يوما بعد يوم.
أشقائي في المملكة المغربية،
لماذا نتسلح ونمول اقتصاديات غيرنا على حساب منظوماتنا التربوية والصحية و الاجتماعية و التنموية؟ أنريدها حربا بيننا أم توسعا أم إضعافا لكياناتنا ومصيرنا؟ لماذا نسخر عقولنا وإعلامنا ودبلوماسيتنا للتشهير و التدمير وزرع الألغام والقنابل الموقوتة؟ لماذا نتحالف مع أعدائنا في وقت نحن في أمس الحاجة فيه للتحالف والوحدة فيما بيننا؟ هل هو النزاع الصحراوي فقط أم أن الصحراء غطاء لزعامات وهمية ومبرر لأجهاض اتحادنا المغاربي؟
مشكلة الصحراء والبوليساريو والمغرب والجزائر واحدة من ثلاثة:
إما أنها حرب أهلية داخلية يعيشها المغرب الشقيق مع جزء من شعبه يطالب بالانفصال والاستقلال ويجب حلها وإنهاؤها فقد طال أمدها،
وإما أنها مسألة استعمار وتقرير مصير ويجب حلها وإنهاؤها بتسوية عادلة في إطار القانون الدولي ومواثيق وقرارات الأمم المتحدة،
وإما أن المشكلة صراع مصالح بين المغرب والبوليساريو والجزائر ويجب أيضا وضع حد لها بالحوار والمفاوضات الثنائية والمتعددة الأطراف انطلاقا من مصلحة القطرين ومصير الشعب الصحراوي الحر في اختياراته وكذا ما يقتضيه بناء الإتحاد المغاربي.
إخواني في المملكة المغربية،
رسالتي هذه صرخة مغاربية وليست نصحا لأحد.كما أنها ليست خطابا في معرفة الحقيقة من الباطل أو نداء لأنظمة حكم صماء وعمياء لا طائل من وراءها سوى الفتنة وتعطيل الإقلاع.إنها رسالة ضمير لضمائر أخرى في المغرب والجزائر ونداء لكل الأرادات الخيرة والمستنيرة والقلقة من المستفبل في البلدين للعمل معا وتجاوز حدود الأنظمة وتحويل الحلم إلى واقع وحقيقة.
إنني بقدر ما أحبكم وبفدر ما أدافع عن أحلام أمتنا المغاربية وطموحات رجالاتها العظام من أمثال السلطان محمد الخامس والرئيس فرحات عباس رحمة الله عليهما بقدر ما أشجب وانتفض أمام ذلك السلوك المخزي والمهين الذي طال ودنس علم الجزائر بقنصليتنا بالدار البيضاء. سواء أكان سلوكا فرديا أو جماعيا ناجما عن حماسة أو تهور أو تدبير فإنه يستدعي استنكاركم في المغرب قبل استنكارنا في الجزائر و ورد فعل عقابي منكم في المغرب ضد الجاني أو الجناة قبل أي رد مماثل منا في الجزائر ما نحن بفاعليه. واعلموا أيها الأشقاء أن علم الجزائر هو علم الشعب الجزائري وليس علم النظام الحاكم.إنه علم شهداءنا وأجيال متعاقبة من مقاوماتنا وثوراتنا كما أنه علم استقلالنا وسيادتنا. إنه علم الجزائر وليس علم اسرائيل أو فرنسا الاستعماريين.إن علمنا بألوانه ورموزه و خلفياته ومقاصده علم الجزائر ولكنه تعبير وتكريس للمغرب الكبير أيضا.وعليه،فحرمة علمنا من حرمة دماءنا وكياننا المادي والرمزي.
أخــــوكم فضيــــل بومـــاله
مواطـن مغاربي
le quotidien d'algérie